ممّا ابتليت به الأمّة ظاهرة الجدل التي انتشرت على شاشاتنا التّلفزيونيّة بين النّاس بعضهم البعض ، فترى الكثير ممّن يدّعي العلم و المعرفة زوراً و بهتاناً يتكلّم في أمور النّاس و يجادل بغير الإستناد إلى قاعدةٍ علميّةٍ و معرفيّة ، و بدون وضع هدفٍ محددٍ من كلامه و جداله مع النّاس و لأجل الجدل العقيم فقط .
قد أطلق الله سبحانه و تعالى صفة الجدل على الأقوام السّابقة الذين كانوا يجادلون لأجل الجدل فقط و بدون هدف
فقال تعالى ( إنّ الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطانٍ أتاهم ، إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه ) .
فقد شبّه الله سبحانه حال المجادل و كيف يتكبّر عن قبول الحق و يرفضه .
قد بيّن النّبي الكريم ارتباط الجدل بالضّلال بعد الهدى بقوله
( ما ضل قوم بعد هدى إلا أوتوا الجدل ) .
إنّ هناك صورةٌ حسنةٌ من صور الجدال و هي الجدال مع أهل الكتاب حيث يحاورهم المسلم بالتي هي أحسن
قال تعالى ( وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ) و قد بيّن النّبي صلّى الله عليه و سلّم جزاء من ترك الجدال و المراء قائلاً ،
( أنا زعيمٌ ببيتٍ في الجنّة لمن ترك المراء و لو كان محقاً ) .
أما الحوار بين النّاس بعضهم البعض فمندوبٌ و خاصةً لطالب العلم و السّاعي نحو الحقيقة و المعرفة ، و من الأمور التي استحدثها النّاس للوصول إلى فكرةٍ معينةٍ و حلولٍ مناسبةٍ ما يسمّى بجلسات العصف الذّهني حيث يجلس النّاس المتحاورين في دائرةٍ معيّنةٍ يطرح كل منهم أراءا خلاّقة تستثير عقول بعضهم البعض لإنتاج مزيدٍ من الأفكار و من ثمّ الوصول إلى فكرةٍ خلاّقةٍ أو حلٍ مناسبٍ .
و قد كان أسلوب الحوار منذ الخليقة حيث حاور الله سبحانه و تعالى إبليس و كذلك حاور الأنبياء أقوامهم .
فـ الحوار هو لغة التّواصل بين النّاس من أجل الوصول إلى غاياتٍ نبيلةٍ سامية.
فـ المحاور له صفات خاصة تميّزه عن الإنسان الذي يجادل بدون هدفٍ أو غايةٍ فهو مستمع جيد ، يقبل بالحق و يذعن له .
فثمار الحوار هو ما ينشده المتحاورين دائماً .